ومن المعاصي المترتبة على الاختلاط :
الخلوة
ما هي الخلوة المحرمة ؟
هي أن ينفرد رجل بامرأة أجنبية عنه ( أي يحل له أن يتزوج منها أو أنها غير محرمه عليه أبدا ) في غيبة عن أعين الناس و هي من أفعال الجاهلية و كبائر الذنوب .
ما هو الدليل على تحريمها ؟
قول النبي صلى الله عليه و سلم ( لا يخلون رجل بامرأة إلا و معها ذو محرم ) و قوله صلى الله عليه و سلم
ألا لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان ) و هذا يعم جميع الرجال و لو كانوا صالحين أو مسنين و جميع النساء و لو كن صالحات أو عجائز ، و قوله صلى الله عليه و سلم : ( من كان يؤمن بالله و اليوم الآخر فلا يخلون بامرأة ليس معها ذو محرم منها فإن ثالثهما الشيطان ) و قوله صلى الله عليه و سلم
لا تلجوا على المغيبات فإن الشيطان يجري من أحدكم مجرى الدم)أي لا تدخلوا على النساء اللاتي غاب أزواجهن لسفر وما إلى ذلك ، فهذا الكلام موجه من النبي صلى الله عليه و سلم إلى الصحابة الكرام أطهر الناس بعد الأنبياء فما بالك بنا أصحاب النفوس الضعيفة .. أصحاب الذنوب و المعاصي .. أصحاب الشهوات .. نسأل الله أن يعصمنا من الزلل و أن يغفر لنا ذنوبنا .
و قد يسهل الدخول على المرأة و الخلوة بها بسبب وجود القرابة أو بسبب زوجها كابن العم و ابن الخال مثلا أو صديق الزوج .. و لذلك حذرنا النبي صلى الله عليه و سلم من الدخول على النساء لأنه من مداخل الشيطان و أسباب الفساد فقد قال النبي صلى الله عليه و سلم
إياكم و الدخول على النساء ؛ فقال رجل من الأنصار : يا رسول الله أفرأيت الحمو؟ قال : الحمو الموت الحمو الموت ) و الحمو هو قريب الزوج الذي لا يحل للمرأة كأخيه و ابن عمه فبين النبي صلى الله عليه و سلم أنه لو دخل أحد هؤلاء على المرأة فإن ذلك يفسد الحياة الزوجية كما يفسد الموت البدن ؛ فلا تعرض المرأة نفسها للخلوة مع أحد و إن قل زمن هذه الخلوة ؛ لعدم الأمن و خصوصا مع فساد الزمن ، و المرأة فتنة .
فالحكمة من تحريم الخلوة هي سد الذريعة إلى الفاحشة أو الاقتراب منها ، حتى يظل المرء واقفا على مسافة بعيدة قبل أن يفضي إلى دود الجريمة الأصلية ؛ قال تعالى : ( تلك حدود الله فلا تقربوها ) .
فلا يحل لشخص بعد هذه الأدلة أن يخلو بامرأة لا تحل له ...
فلا يحل لقريب الزوج كأخيه و ابن عمه أن يأتي في غياب الزوج و يخلو بالزوجة ...
ولا يحل لصديق الزوج أن يأتي إلى المنزل في غياب الزوج و يخلو بالزوجة و لا يحل له أن يخلو بها في حضور الزوج في البيت و يغلق عليهما باب ...
و لا يحل لمدرس أن يخلو بفتاة يعلمها ، و لو كان يعلمها القرآن ، و لا أن يغلق عليهما باب كما يحدث في كثير جدا من بيوت المسلمين فهذا باب عظيم من ابواب البلاء ...
و كذلك لا يحل لمحفظ قرآن أن يخلو بامرأة يعلمها القرآن و كذلك لا يحل لمعالج يعالج بالقرآن أن يخلو بامرأة يعالجها ...
و لا يحل لطبيب أن يخلو بمريضة و لا بممرضة و نعوذ بالله من المهازل التي تحدث في المستشفيات و العيادات ، و ياليتهم يفرقون في نوبات العمل بين الرجال و النساء و يفصلون بين الرجال و النساء ...
و قبيح أيما قبح أمر صيدلي أو بقال يستأجر فتاة للعمل معه حيث هناك مكان يخلو بها فيها ...
و كذلك لا يحل لمدير أن يخلو بسكرتيرة و لا أن يغلق عليهما باب فالشيطان ثالث هؤلاء كما قد تقدم من كلام النبي صلى الله عليه و سلم ، إن النبي صلى الله عليه و سلم كان واقفا مع زوجته أم المؤمنين صفية بنت حيي يوصلها إلى بيتها فلما رآه رجلان من الأنصار أسرعا فقال صلى الله عليه و سلم
على رسلكما ، إنما هي صفية ) ، ثم قال النبي صلى الله عليه و سلم : ( إن الشيطان يبلغ من ابن آدم مبلغ الدم و إني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئا ) ...
و لا يحل كذلك لخاطب أن يخلو بمخطوبته فهو لا يزال رجلا أجنبيا عنها ، و غريب أمر رجل قلت مروءته و انعدمت غيرته حيث يترك خاطب ابنته بالغرفة معها و يغلق عليهما الابواب فهل هذا من الغيرة بمكان أم إنه من الدياثة بمكان كبير ..؟! ...
و كذلك لا يحل لرجل أن يخلو بالخادمة التي تخدم في بيته فليست هي من محارمه ...
و كذلك لا يحل للزوجة أو الأبنة أن تفتح باب البيت لأخي زوجها أو صديقه أوصديق أخيها في غير وجود المحرم ولا أن تختلي باحد هؤلاء أو يغلق عليهما باب ...
ليحذر كل مسلم و مسلمة مما يعرض على شاشات التلفاز لما ترى المرأة و قد حضر صديق زوجها أو أخية إلى البيت و طرق الباب و قال فلان موجود ؟ فترد عليه قائلة لا .. تفضل فيتفضل و يدخل و يغلق عليهما الباب و يأكل و يشرب ثم يأتي الزوج فيجد زوجته مع ذلك الرجل في البيت و قد فعلت معه ذلك فيشكرها على إكرام ضيفه ...
إنا لله و إنا إليه راجعون ... هل هذا من دين الإسلام في شيء ..؟ نعوذ بالله من الخذلان
فهل يا ترى نجد قلوبا تعي هذه الكلمات ..؟ و آذانا تصغي لتلك النداءات ..؟
و أكبر معصية تترتب على جريمة الاختلاط
الزنا
فعياذا بالله من الزنا .. من أكبر الكبائر المهلكة .. تلك الفاحشة التي مقتها الله عز و جل و وعد من يفعلها و يقع فيها بالوعيد و العذاب الشديد .. عياذا بالله من الزنا .. فهو من أعظم الكبائر و المصائب التي تنكد على من يفعلها حياته و تفسد عليه دنياه و أخراه و تجعله في نكد دائم و هم لا يفارق .. و لا يزال شبحها يطارده و ضررها يلاحقه حتى عند وفاته و في قبره و يوم يقوم الأشهاد .. تلك الفاحشة الكبرى التي تجلب لفاعلها العذاب في الدنيا و الآخرة .. تلك الجريمة الكبرى التى تتسبب في زوال الصحة و العافية و حلول البلايا و الاسقام و تتسبب كذلك في محو البركة و محق الأرزاق .. تلك الجريمة النكراءالتي تتسبب في قطع الأرحام و اختلاط الأنساب و زوال الإيمان .. تلك الكبيرة الشنعاء التي تلحق بمن يفعلها العار و الشنار و توجب في الآخرة عذاب النار .. فكم من نفس قد أزهقت بسببها و كم من رحم قد قطعت و كم من امراة قد طلقت و كم من صداقات قد مزقت و كم من مولود قد ألحق بغير أبيه .. كم من وجه قد سلب بهاؤه و كم من عين قد سلبت ضياؤها و كم من قلب قد اضطرب و انكمش بسبب هذه الفاحشة المنكرة .
فيا الله .. نسألك الستر و العافية و النجاة من هذه الفاحشة .. نسألك يا ربنا العصمة منها لنا و لأولادنا و لأزواجنا و بناتنا و إخواننا و أخواتنا و آبائنا و أمهاتنا و المسلمين و المسلمات فالمعصوم من عصمت يا ربنا و المحفوظ من حفظت سبحانك.. نسألك يا ربنا أن تجنبنا الفواحش ما ظهر منها و ما بطن و أن تأخذ بأيدينا إلى الطهر و العفاف و الهدى و التقى و الإيمان .
هذا و من المعلوم لدى عموم المسلمين و المسلمات لدى علمائهم و عامتهم أن الله عز و جل حرم هذه الفاحشة فقال سبحانه (ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة و ساء سبيلا ) و قال عز وجل عن المؤمنين ( و الذين لا يدعون مع الله إلاها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون و من يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة و يخلد فيه مهانا إلا من تاب و آمن وعمل ) و حرمها كذلك عز وجل في مواطن كثيرة من القرآن الكريم و كذلك فقد حرم الله تعالى كل السبل الموصلة إليها مثل عدم غض البصر عن المحرمات و الاختلاط و الخلوة بالأجنبيات و المصافحة و اللمس و الخضوع بالقول كما ذكر آنفا ... فقوله عز و جل ( و لا تقربوا الزنا ) معناه لا تفعلوا و تقتربوا من الزنا بهذه المحرمات المذكورة لأنها كلها تقرب من الزنا .. و صفحات الجرائد وواقع المسلمين و ما نراه بأعيننا لأكبر دليل على ذلك .
و بعد كل هذا...
قد يقول قائل...
قد يقول قائل أنا نيتي صالحة و ليس في نيتي شيء و أنا أصادق زميلاتي على أساس أنهن أخوات لي و كذلك قد تقول هذه المقولة أي فتاة أو امرأة ...
أقول لك أخي الحبيب أختي الفاضلة .. إن النية لا تصح إلا في الأعمال الصالحة و كما هو معروف عند المسلمين أن ( النية الصالحة لا تصلح العمل الفاسد ) ... فلو أن رجلا أراد أن يحج إلى بيت الله فهل هذه إرادة طيبة و نية صالحة ..؟ بالطبع نعم فلما ذهب ليحج بالفعل سرق و حج من هذا المال فهل تقبل منه هذه العبادة .. ؟ ! بالطبع لا .. لأنه ارتكب عملا فاسدا و هو السرقة و معلوم أن السرقة محرمة في دين الإسلام و نيته الصالحة التي لا شك في صحتها لم تغير فساد هذا العمل .
فتش عن الثغرة
قال الدكتور محمد إسماعيل المقدم .. حفظه الله :
إن جعبة الباحثين و الدارسين لظاهرة الاختلاط حافلة بالمآسي المخزية ، و الفضائح المشينة ، التي تمثل صفعة قوية في وجه كل من يجادل في الحق بعد ما تبين . و إن الإحصائيات الواقعية في كل البلاد التي شاع فيها الاختلاط ناطقة بل صارخة بخطر الاختلاط على الدنيا و الدين ، لخصها العلامة أحمد وفيق باشا العثماني الذي كان سريع الخاطر ، حاضر الجواب ، عندما سأله بعض عشرائة من رجال السياسة في أوروبا في مجلس بإحدى تلك العواصم قائلا : ( لماذا تبقى نساء الشرق محتجبات في بيوتهن مدى حياتهن من غير أن يخالطن الرجال و يغشين مجامعهن ؟ ) فأجابه في الحال قائلا ( لأنهن لا يرغبن أن يلدن من غير أزواجهن ) و كان هذا الجواب كصب ماء بارد على رأس هذا السائل ، فسكت على مضض كأنه ألقم الحجر.
و لما وقعت فتنة الاختلاط بالجامعة المصرية؛ كان ما كان من حوادث يندى لها الجبين ، و لما سئل طه حسين عن رأيه في هذا قال : ( لابد من ضحايا ) ! و لكنه لم يبين بماذا تكون التضحية ؟ و في سبيل ماذا ؟ .. لا بد من ضحايا ..
و أي ثمرة يمكن أن تكون أغلى من و أعز و أثمن من أعراض المسلمين ؟ !
فتبا لهؤلاء المستغربين و سحقا سحقا لعبيد المدنية الزائفة الذين أطلقوا لبناتهم و نسائهم العنان يسافرون دون محرم ، و يخلون بالرجال الأجانب ، مدعين أن الظروف قد تغيرت و أن ما اكتسبته المرأة من التعليم و ما أخذته من الحرية؛ يجعلها موضع ثقة أبيها و زوجها ؛ فما هذا إلا فكر خبيث دلف إلينا ليفسد حياتنا ، وما هي إلا حجج واهية ينطق بها الشيطان على ألسنة هؤلاء الذين انعدمت عندهم غيرة الرجولة و الشهامة فضلا عن كرامة المسلم و نخوته .
ومثل الذين يتهاونون في الخلوة و الاختلاط الآثم بدعوى أنهم ربوا على الاستجابة لنداء الفضيلة و رعاية الخلق ؛ مثل قوم وضعوا كمية من البارود بجانب نار متوقدة ثم ادعوا أن الإنفجار لا يكون لأن على البارود تحذيرا من الإشتعال و الإحتراق ... إن هذا خيال بعيد عن الواقع و مغالطة للنفس و طبيعة الحياة و أحداثها .
و الآن نستطيع بكل قوة أن نجزم بحقيقة لا مراء فيها ، و هي أنك إذا وقفت على جريمة فيها نهش العرض وذبح فيها العفاف و أهدر فيها الشرف ؛ ثم فتشت عن الخيوط الأولى التي نسجت هذه الجريمة و سهلت سبيلها فإنك حتما ستجد أن هناك ثغرة حصلت في الأسلاك الشائكة التي وضعتها الشريعة الإسلامية بين الرجال و النساء ، و من خلال هذه الثغرة دخل الشيطان ...!
وصدق الله العظيم : ( و الله يريد أن يتوب عليكم و يريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما يريد الله أن يخفف عنكم و خلق الإنسان ضعيفا ) .
تمت الرسالة و الحمد لله رب العالمين
و جزى الله خيرا من نشرها و أذاعها نصيحة للمسلمين ، و قد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( الدال على الخير كفاعله )
جمع و ترتيب
أبو الفرج أحمد بن محمود شمس
غفر الله له و لوالديه و للمسلمين ... آمين