نضع الآيات أمامكم لتروا إن كان الله قد أتى بذكر المرأة من قريب أو من بعيد تصريحا أو تلميحا أو إن كان يُفهم من السياق أن النزاع على امرأة :
(( اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَّهُ أَوَّابٌ وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُم بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاء الصِّرَاطِ إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنْ الْخُلَطَاء لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ )) ( ص : 17 – 25 ) .
والآيات لا يوجد بها ما يُشير إلى تخرصات الكذبة المفترين على الله من أن الله أطلق النعجة على المرأة ، وأراد أن ينبه داود إلى قتله لجاره ليأخذ زوجته ، مثلما يقول الكتاب المقدس .
يقول العلامة الدكتور " محمد رجب البيومى " فى كتابه " البيان القرآنى " بشأن هذه الآيات وما أُثُير من تفسيرات إسرائلية حولها :
(( إذ أن الله عز وجل أراد مواساة محمد صلى الله عليه وسلم بسابقيه من الأنبياء حين أوغلوا فى تكذيبه وافتروا عليه الأراجيف فاختار فى مجال التأسى داود عليه السلام وقال مخاطبا نبيه : " اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَّهُ أَوَّابٌ وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ " ! هذا النبى الذى أوتى الحكمة وفصل الخطاب وكان موضع الأسوة لرسول الله لا يُعقل بحال أن يسعى فى قتل النفس جريا وراء شهوة هابطة ثم قد يكون أوتى الحكمة ذات الحزم الوقور والترفع الرزين ، وكيف تكون قصته أسوة لرسول الله وقد أسف وهبط فيما حاول الزاعمون أن يُلصقوه به من افتراء ، إن الرجل الأواب العابد كان قد أخذ على نفسه أن يخلو إلى ربه فى محرابه فى أيام الأسبوع حددها للناس فلا يقطع الخلوة عليه قاطع ، ثم فوجئ برجلين يتسوران المحراب عليه ففزع من خوف مؤامرة تكون قد دبرت له ، فقالا نحن خصمان نريد أن نحتكم إليك على عجل إذ أن أحدنا قد أخذ نعجة صاحبه مع أن له تسعا وتسعين نعجة ، فرأى داود المسألة من الوضوح بحيث لا تحتمل طول نظر وقال للمدعى : " قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنْ الْخُلَطَاء لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ " وفكر داود فى أمره حين امتنع مخطئا عن لقاء المتقاضين وهم فى حاجة إليه حتى اضطر الخصمان إلى تسور المحراب عليه فظن أن الله قد وعظه بهذين فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب !
فأين ما يحمله النص القرآنى من اتهام غاشم ظلوم ؟ وكيف جاز لنا أن نلجأ إلى المجاز فى تفسير النعجة جريا وراء إسرائيليات حذر منها الإمام على ، ووعد من يرويها بإقامة حد القذف عليه إذا اتهم الأبرياء ظلما دون دليل ! وإذا كان الله عز وجل يقول : " وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنْ الْخُلَطَاء لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ "
فهل كان نبى الله داود – وهو الأواب ، نعم العبد الذى أوتى الحكمة – بعيداًعنهم ، أو مندرجا فيهم ؟ لا شك أنه فى طليعة الذين آمنوا وعملوا الصالحات ، ولو صدق المرجفون فيما وهموه لكان منهم بمكان بعيد ، وهو مالا يتصور من قدوة مثالى أوتى الحكمة وسخر الله له الجبال والطير يُسبحن معه بالعشى والإشراق كل له أواب ! وقد قال الله فى خاتمة أمره : " وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ " ))
أ. ه
وواضح من كلام العلامة البيومى أنه لا صحة على الإطلاق لأى متقول أو مفسر يدعى بأن المقصود بالمرأة هو النعجة .
إذاً فقول القمص زكريا بطرس :
(( يقول القرآن أن المرأة هي شاة أو نعجة أو بقرة مما يجعل الرجل ثور ؟ و الله خلق الإنسان على صورته .. اذا ماذا تعبدون يا مسلمين ؟ كيف تقولون أن الله ثور أو نعجة أو بقرة أو شاة ؟تعالى الله عما تقولون و تصفون ))
هذا القول قول باطل وكاذب ، إذ أن القرآن الكريم لا يقول أن المرأة هى شاة أو نعجة أو بقرة مما يبطل نتيجة القمص بأن الرجل ثور ، ومما يدحض زعمه وقوله الإفك بأننا نعبد ثور أو نعجة أو بقرة أو شاة والعياذ بالله ، فطالما أن أساس موضوعه لا أصل له فينهار فورا بنيانه الذى بناه على شفا جرف هار سينهار به فى نار جهنم بإذن رب العالمين .
ولعل قول القمص زكريا بطرس أننا نعبد ثور أو نعجة أو بقرة أو شاة إظهار لما يُمارسه زكريا بطرس من إسقاط دائماً ، إذ أن زكريا بطرس هو الذى يعبد الخروف بشهادة كتابه الذى يُقدسه ، فقد ورد بسفررؤيا يوحنا اللاهوتى : ((وهؤلاء يُحَارِبُونَ الخروف ، وَلَكِنَّ الخروف يَهْزِمُهُمْ ، لأَنَّهُ رَبُّ الأَرْبَابِ وَمَلِكُ الْمُلُوكِ )) ( رؤيا يوحنا اللاهوتى : إصحاح 17 : 14) .
فمن الذى يعبد الخروف والثور والنعجة والبقرة والشاة ؟؟
ولكن كما يقول المثل " رمتنى بدائها وانسلت "
هذا كتاب زكريا بطرس يُعلن بوضوح وصراحة أن " رب الأرباب وملك الملوك " خروف ، فمن الذى يحط من قدر الله وينزل من جلاله ؟؟
وتعالى الله عما يعتقد القمص زكريا بطرس علواً كبيرا .
و لله العزة و لرسوله و للمؤمنين