أغرب العادات الرمضانية
</FONT>
على الرغم من أنه لا يوجد فرق كبير في الأجواء الرمضانية في مختلف الدول العربية والإسلامية؛ حيث الانصراف إلى العبادة والدروس الدينية في ورع وتقوى، وتبادل الزيارات في إخاءٍ ورحمةٍ، إلا أن الشهر الكريم تظلُّ له نكهةٌ خاصةٌ يمتاز بها في عدد من البلدان العربية، كلٌّ حسب عاداتها وتقاليدها.
المسك وخاتم داود باشا
جرت العادة على نشْر العطور الطبيعية، مثل المسك والعنبر وماء الورد، على عتبات الأبواب والحدائق المحيطة بالمنازل التركية؛ تعبيرًا عن الفرحة التي سرعان ما تعمّ كل أنحاء البلاد بعد استطلاع رؤية هلال رمضان، والتي تمثل فرحةً خاصةً، فبعد إعلان ثبوت الرؤية تنطلق الزغاريد من البيوت لتعبِّر عن هذه الفرحة التي زفَّ بشائرَها إليهم إعلانُ المفتي بدءَ الصوم في اليوم التالي.
وبعد الاحتفال برؤية الهلال ونشر العطور الطبيعية على عتبات الأبواب تقوم الجدَّات بتجهيز أول سحور رمضاني، ثم يدعو الجد أولاده وأحفاده لتناول السحور، ويتفق معهم خلاله على حضور أول إفطار معه، ولا ننسى هنا المائدة الرمضانية، وما تحمله من طرائف ومفاجآت أشهى المأكولات؛ حيث نجدها عامرةً بأشهى المأكولات، وخاصةً كفتة داود باشا، والتي يُخبَّأ في إحدى كراتها خاتمٌ فضيٌّ يصبح من نصيب من يأكلها ويكتشفها.
ومن أهم مظاهر الاحتفالات التركية الخاصة بهذا الشهر الكريم أيضًا الحرص على تناول وجبة ثالثة بين طعامي الإفطار والسحور، وموعدها ما بين الساعة العاشرة والحادية عشرة، وتتكون من الأطعمة نفسها التي تفضلها الأسرة التركية على طعام الإفطار.
تجديد الولاء
ومن أغرب الطقوس الرمضانية في تركيا أن يقوم الزوج بإهداء زوجته خطابًا يجدِّد لها فيه ولاءه وحبَّه الشديد، وتأكيده على أنه سيظل طوال عمره مخلصًا لها وأمينًا عليها، كما يقدِّم في هذا الخطاب اعتذارَه عن أية مبادرات سيئة صدرت منه تجاهها.
أما الزوجة فتقوم بإهدائه سوارًا فضيًّا؛ تعبيرًا منها عن حبِّها الشديد له، وتجديدًا للعهد بينهما.
"نبتة رمضان"
الشعب الموريتاني كغيره من الشعوب الإسلامية يستقبل شهر الصيام، بكل فرحٍ وابتهاجٍ، ويتمثل احتفال الموريتانيين برمضان في حلْقِ شعر الأطفال في الأسبوع الأول من رمضان؛ تبرُّكًا بهذا الشهر الكريم، فالأطفال الصغار حتى ثماني سنوات يحلقون شَعرَهم تبركًا منهم بالشعر الذي يَنبُتُ على رؤوسهم في شهر رمضان المعظَّم، والذي يطلقون عليه "نبتة رمضان"، ورغم أن حلاقة الرأس عادة قديمة في موريتانيا، إلا أنها ما تزال متبعةً في كثير من الأوساط الاجتماعية المختلفة؛ حيث يواظب عليها الكبار والصغار وهم يرجون طول العمر وبركة الشهر والفوز بـ"نبتة رمضان".
وعلى الرغم من أن الطابع الغالب على الشعب الموريتاني هو المحافظة، إلا أن هناك بعض الطقوس غير الصحيحة من الناحية العقائدية، ومن أهم هذه الطقوس حرق البخور المباركة التي يرجى منها طردُ الشياطين وتعليق بعض أشجار الأوراق في البيت.
ومن الطقوس المتبَعة أيضًا في موريتانيا قيام النساء بتزيين الأيدي والأرجل بالحناء، كما تقوم المرأة المتزوجة قبل العيد بيومين بإهداء زوجها خروفًا أو تعوِّضها أمها في هذه المهمة، كما اعتادت أم العروس الموريتانية أن تقدِّم لابنتها قبل العيد أغطيةً من الحناء، ويكون الردُّ من طرف الزوج تقديم هدية عبارة عن مبلغ مالي أو ملابس.
صائمون لأول مرة
يقوم الجزائريون بالاحتفال بأول صيام لأطفالهم احتفالاً مميزًا؛ حيث يقوم الآباء بمرافقة الأبناء طيلة يوم صيامهم، ويقرب الآباء أطفالهم في أول صيام لهم ويُجلسونهم إلى جانبهم على مائدة الكبار؛ إذ جرت العادة أن يجلس الأطفال الصغار غير الصائمين على مائدة أخرى غير مائدة الصيام، وعادةً ما يطبخ "الخفاف"، وهو نوع من فطائر العجين المقلي عند الاحتفال بأول يوم صيام للطفل، وأول حلاقة للطفل الذكر، كما يُصنع للطفل الصائم لأول مرة مشروبًا حلوًا يُدعى "الشربات"؛ ظنًّا منهم أن هذا المشروب الحلو يجعل صيام الطفل حلوًا ويحبِّب له الصيام كي يصوم مرةً أخرى.
ويستغل الجزائريون شهر رمضان- وخاصةً ليلة القدر- في ختان أبنائهم، وخاصةً أن ختان الأطفال في هذا اليوم يغني الآباء عن تحمل تكاليف الاحتفال بختان أطفالهم، وخاصةً مع غلاء المعيشة.
المهبية!!
ومن الطقوس الرمضانية أيضًا لدى الجزائريين دعوة أهل الفتاة لخطيبها وأهله في هذا اليوم للإفطار معًا، وذلك للتقريب بين العائلتين قبل الزواج، وفي هذا اليوم يقدم الشاب لخطيبته هدية "المهبية"- وهي تحوير كلمة هبة- وهي عبارة عن خاتم أو أساور من ذهب أو قطعة قماش.
وهكذا سيظل لشهر رمضان الكريم وجهًا ثقافيًّا وطابعًا مميزًا يمتاز به في مختلف الدول العربية.
