حادي الاواح الي بلاد الافراح( الفصل الثالث) * كتاب للعلامة بن القيم الجوزي
فصل شعر في وصف الجنة
وما ذاك إلا غيرة أن ينالهـــــــــا سوى كفئها والرب بالخلــــق أعلم
وإن حجبت عنا بكل كريهـــــة وحفت بما يؤذي النفــــــوس ويؤلم
فلله ما في حشوها من مســــرة وأصناف لذات بهــــــا يتنعــــــم
ولله يرد العيش بين خيامهــــــا وروضاتها والثغر في الروض يبسم
ولله واديها الذي هو موعد المز يـد لوفـد الحب لو كنت منهــــم
بذياك الوادي يهيم صبابـــــــة محب يرى أن الصبـابة مغنــــــــم
ولله أفراح المحبيـن عنـــــــدمــــــــــــا
يخاطبـــهم من فــــوقـــــهم ويــــسلم
وللـه أبـــــــصــــار تــرى الله جهـرة
فلا الضيـم يغشــــاها ولا هي تســـأم
فيا نظرة أهدت إلى الوجه نضـرة أمن بعدها يسلو المحب المتيـــــم
ولله كم من خيــرة إن تبسمت أضاء لهـا نور من الفجـــر أعظم
فيا لذة الأبصار إن هي أقبلــت ويا لذة الأسمـاع حيـــــن تـــكلم
وياخجلة الغصن الرطيب إذا انثنت ويا خجلة الفجرين حين تبســــــم
فإن كنت ذا قلب عليل بحبهــا فلم يبق إلا وصلـــها لك مرهــــم
ولا سيما في لثمها عند ضعـــها وقد صـار منها تحت جيدك معصم
تراه إذا أبدت له حسن وجهها يلذ به قبل الوصــــــال وينــــعم
تفكه منها العين عند اجتلائهـا فواكه شتى طلعهـــا ليس يعــدم
عناقيد من كرم وتفاح جنــــة ورمان أغصــان به القلب مغــرم
وللورد ما قد ألبسته خدودها وللخمر ما قد ضمه الريق والفــم
تقسم منها الحسن في جمع واحد فيا عجبـاً من واحد يتقـــــــــسم
لهـا فرق شتى من الحسن أجمعت بجملتهـــــا إن السـلو محـــــــــرم
تذكر بها الرحمن من هو ناظـر فينطقب بالتسبيــــح لا يتعلثــــم
إذا قابلت جيش الهموم بوجهها تولى على أعقابه الجيش يهـــــــزم
فياخاطب الحسناءإن كنت راغباً فهذا زمان المهر فهو المقــــــــــدم
ولما جرى ماء الشباب بغصنـــها تيقن حقاً أنـــه ليـــس يهــــــــرم
وكن مبغضاً للخائنات لحبهـــــا فتحظى بها من دونهــــن وتنعـــم
وكن أيما ممن سواها فإنــــــــها لمثلك في جنـــاب عدن تــــــأيـم
وصم يومك الأدنى لعلك في غد تفوز بعيد الفـــــطر والناس صوم
وأقدم لا تقــــــــــنع بعيــــــش منــغـــص
فـــما فـــــــاز باللذات من ليس يقدم
وإن ضاقت الدنيا عليك بأسرها ولم يك فيها منزل لك يعــــــــــلم
فحي على جنات عدن فإنهـــا منازلنا الأولى وفيها المخــــــــــــيم
ولكننا سبي العدو فهل تــــرى نعود إلى أوطاننـــــــــــــا ونسلــم
وقد زعموا أن الغريب إذا نـأى وشطت به أوطانه فهو مغـــــــــرم
وأي اغتراب فوق غربـــتنا التي لها أضحت الأعداء فينا تحــــــــكم
وحي على السوق الذي فيه يلتقي المحـ بـون ذاك السوق للقـــــوم يعــلـم
فما شـــئت خذ منه بلا ثمن له فقد أسلــف التجـــار فيه وأسلموا
وحي على يوم المزيد الذي به زيارة رب العرش فاليوم موســــم
وحي على واد هنالك أفيـــــح وتربتـــه من إذفر المسك أعظـــم
منابر من نور هناك وفـــــــضة ومن خالص القيان لا تنقصـــــــم
وكثبان مسك قد جعلن مقاعداً لمن دون أصحاب المنـــــابر يعلــم
فبينا همو في عيشهم وسرورهم وأرزاقهم تجري عليهم وتقــــسم
إذا هم بنور ساطع أشرقـت له بأفطارها الجنـــــات لا يتـــــوهم
تجلى لهم رب السموات جهــرة فيضحك فوق العرش ثم يكــــلم
سلام عليــــكم يسمعون جميعهم بآذانهم تسليمه إذ يســــــــــلم
يقول سلوني ما اشتهيتم فكل ما تريدون عندي أنني أنا أرحــــــم
فقالوا جميعاً نحن نسألك الرضــا فأنت الذي تولى الجميل وتزحـــم
فيعطيهم هذا ويشهد جمعــــهم عليه تعالى الله فالله أكــــــــــــرم
فيا بائعاً هذا ببخس معــــــجل كأنك لا تدري ، بلى سوف تعلم
فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة وإن كنت تدري فالمصيبة أعظــم
انتظرو المزيد